ودخل من إشراق نورها على الضباب في وجارها (1)، أطبقت الأجفان على مآقيها، وتبلغت بما اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها.
فسبحان من جعل الليل لها نهارا ومعاشا، والنهار سكنا وقرارا! وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطيران، كأنها شظايا الآذان، غير ذوات ريش ولا قصب. إلا أنك ترى مواضع العروق بينة أعلاما. لها جناحان لما يرقا فينشقا، ولم يغلظا فيثقلا. تطير وولدها لاصق بها لاجئ إليها يقع إذا وقعت ويرتفع إذا ارتفعت. لا يفارقها حتى تشتد أركانه، ويحمله للنهوض جناحه، ويعرف مذاهب عيشه ومصالح نفسه. فسبحان البارئ لكل شيء على غير مثال خلا من غيره! (2) 5 / 5 النملة 5383 - الإمام علي (عليه السلام): أ لا ينظرون إلى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه، وأتقن تركيبه، وفلق له السمع والبصر، وسوى له العظم والبشر! انظروا إلى النملة في صغر جثتها ولطافة هيئتها، لا تكاد تنال بلحظ البصر، ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على أرضها، وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها، وتعدها في مستقرها. تجمع في حرها لبردها، وفي وردها لصدرها، مكفول برزقها مرزوقة بوفقها، لا يغفلها المنان، ولا يحرمها الديان ولو في الصفا اليابس والحجر