فقال آخر: ما أنكرت أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) أمرهم باختيار رجل منهم يقوم مقامه رأفة بهم ورقة عليهم من غير أن يستخلف هو بنفسه فيعصى خليفته، فينزل بهم العذاب؟
فقال: أنكرت ذلك من قبل أن الله تعالى أرأف بخلقه من النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد بعث نبيه (صلى الله عليه وآله) إليهم وهو يعلم أن فيهم العاصي والمطيع (1)، فلم يمنعه تعالى ذلك من إرساله.
وعلة أخرى: لو أمرهم باختيار رجل منهم كان لا يخلو من أن يأمرهم كلهم أو بعضهم؛ فلو أمر الكل من كان المختار؟ ولو أمر بعضنا دون بعض كان لا يخلو من أن يكون على هذا البعض علامة؛ فإن قلت: الفقهاء، فلابد من تحديد الفقيه وسمته.
قال آخر: فقد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله تعالى حسن، وما رأوه قبيحا فهو عند الله قبيح.
فقال: هذا القول لابد من أن يكون يريد كل المؤمنين أو البعض؛ فإن أراد الكل فهذا مفقود؛ لأن الكل لا يمكن اجتماعهم، وإن كان البعض فقد روى كل في صاحبه حسنا مثل رواية الشيعة في علي، ورواية الحشوية في غيره، فمتى يثبت ما تريدون من الإمامة؟
قال آخر: فيجوز أن تزعم أن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أخطأوا؟
قال: كيف نزعم أنهم أخطأوا واجتمعوا على ضلالة وهم لم يعلموا فرضا ولا سنة؛ لأنك تزعم أن الإمامة لا فرض من الله تعالى ولا سنة من الرسول (صلى الله عليه وآله)،