وقال آخر: من أين أوجبت أن عليا (عليه السلام) كان بالغا حين دعاه النبي (صلى الله عليه وآله)؟ فإن الناس يزعمون أنه كان صبيا حين دعي، ولم يكن جاز عليه الحكم، ولا بلغ مبلغ الرجال.
فقال: من قبل أنه لا يعرى في ذلك الوقت من أن يكون ممن أرسل إليه النبي (صلى الله عليه وآله) ليدعوه؛ فإن كان كذلك فهو محتمل التكليف، قوي على أداء الفرائض.
وإن كان ممن لم يرسل إليه فقد لزم النبي (صلى الله عليه وآله) قول الله عز وجل: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين ﴿١)﴾ (2) وكان مع ذلك فقد كلف النبي (صلى الله عليه وآله) عباد الله ما لا يطيقون عن الله تبارك وتعالى، وهذا من المحال الذي يمتنع كونه، ولا يأمر به حكيم، ولا يدل عليه الرسول، تعالى الله عن أن يأمر بالمحال، وجل الرسول من أن يأمر بخلاف ما يمكن كونه في حكمة الحكيم. فسكت القوم عند ذلك جميعا.
فقال المأمون: قد سألتموني ونقضتم علي، أفأسألكم؟
قالوا: نعم.
قال: أليس قد روت الأمة بإجماع منها أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار؟ قالوا: بلى. قال: ورووا عنه (عليه السلام) أنه قال: من عصى الله بمعصية صغرت أو كبرت ثم اتخذها دينا ومضى مصرا عليها فهو مخلد بين أطباق الجحيم؟ قالوا: بلى.
قال: فخبروني عن رجل تختاره الأمة فتنصبه خليفة، هل يجوز أن يقال له: