الحكمة وفلك الحقائق، وخزانة العقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام): " يا علي، إذا رأيت الناس مقربون إلى خالقهم بأنواع البر تقرب إليه بأنواع العقل تسبقهم " (1).
ولا يستقيم هذا الخطاب لأحد إلا لعظيم كهذا، الذي محله بين الناس نظير المعقولات بين المحسوسات؛ فقال له: يا علي، أتعب نفسك في تحصيل المعقولات كما أن الناس يتعبون أنفسهم في كثرة العبادات؛ كي تسبق الجميع.
ولما كان إدراكه للحقائق ببصيرة العقل استوت عنده المحسوسات والمعقولات وكانت عنده بمنزلة سواء، ولهذا قال (عليه السلام): " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ".
ولا ثروة أعظم من إدراك المعقولات؛ فإدراك المعقولات هو الجنة بتمام نعيمها بزنجبيلها وسلسبيلها. وأما الجحيم بقيودها وعذابها فهو متابعة متعلقات الأجسام وشؤونها، وهذه المتابعة هوت بالناس في جحيم الهوى، وأسرتهم بقيد الخيال ومرارة الوهم (2).