قالت: مه يا هذا! لك والله من دحض المقال ما تردي عاقبته.
قال: ليس لهذا أردناك.
قالت: إنما أجري في ميدانك إذا أجريت شيئا أجريته، فاسأل عما بدا لك.
قال: كيف كان كلامك يوم قتل عمار بن ياسر؟
قالت: لم أكن والله رويته قبل، ولا زورته (١) بعد، وإنما كانت كلمات نفثهن لساني حين الصدمة، فإن شئت أن أحدث لك مقالا غير ذلك فعلت.
قال: لا أشاء ذلك.
ثم التفت إلى أصحابه فقال: أيكم حفظ كلام أم الخير؟
قال رجل من القوم: أنا أحفظه يا أمير المؤمنين كحفظي سورة الحمد، قال:
هاته.
قال: نعم، كأني بها يا أمير المؤمنين وعليها برد زبيدي كثيف الحاشية، وهي على جمل أرمك (٢) وقد أحيط حولها حواء وبيدها سوط منتشر الضفر، وهي كالفحل يهدر في شقشقته، تقول: ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شىء عظيم﴾ (3)، إن الله قد أوضح الحق، وأبان الدليل، ونور السبيل، ورفع العلم، فلم يدعكم في عمياء مبهمة، ولا سوداء مدلهمة، فإلى أين تريدون رحمكم الله؟
أفرارا عن أمير المؤمنين، أم فرارا من الزحف، أم رغبة عن الإسلام، أم ارتدادا عن الحق؟ أما سمعتم الله عز وجل يقول: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم