والصابرين ونبلوا أخباركم) (١).
ثم رفعت رأسها إلى السماء وهي تقول: " اللهم قد عيل الصبر، وضعف اليقين، وانتشر الرعب، وبيدك يا رب أزمة القلوب، فاجمع إليه الكلمة على التقوى، وألف القلوب على الهدى، واردد الحق إلى أهله " هلموا - رحمكم الله! - إلى الإمام العادل، والوصي الوفي، والصديق الأكبر، إنها إحن (٢) بدرية، وأحقاد جاهلية، وضغائن أحدية، وثب بها معاوية حين الغفلة، ليدرك بها ثارات بني عبد شمس.
ثم قالت: ﴿قاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون﴾ (3)، صبرا، معشر الأنصار والمهاجرين، قاتلوا على بصيرة من ربكم، وثبات من دينكم، وكأني بكم غدا لقد لقيتم أهل الشام كحمر مستنفرة، لا تدري أين يسلك بها من فجاج الأرض، باعوا الآخرة بالدنيا، واشتروا الضلالة بالهدى، وباعوا البصيرة بالعمى، عما قليل ليصبحن نادمين، حتى تحل بهم الندامة، فيطلبون الإقالة. إنه والله من ضل عن الحق وقع في الباطل، ومن لم يسكن الجنة نزل النار.
أيها الناس! إن الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها، واستبطأوا مدة الآخرة فسعوا لها. والله أيها الناس! لولا أن تبطل الحقوق، وتعطل الحدود، ويظهر الظالمون وتقوى كلمة الشيطان لما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه، فإلى أين تريدون رحمكم الله عن ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وزوج ابنته، وأبي ابنيه؟ خلق من طينته، وتفرع من نبعته، وخصه بسره، وجعله باب مدينته