عنكما طعن وسخط لأمير المؤمنين، فإن يكن أمر لكما خاصة فعاتبا ابن عمتكما وإمامكما، وإن كان نصيحة للمسلمين فلا تؤخراه عنه، ونحن عون لكما، فقد علمتما أن بني أمية لن تنصحكما أبدا، وقد عرفتما عداوتهم لكما، وقد شركتما في دم عثمان وما لأتما، فسكت الزبير وتكلم طلحة، فقال: افرغوا جميعا مما تقولون؛ فإني قد عرفت أن في كل واحد منكم خبطة (1).
فتكلم عمار بن ياسر (رحمه الله) فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال:
أنتما صاحبا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد أعطيتما إمامكما الطاعة والمناصحة، والعهد والميثاق على العمل بطاعة الله وطاعة رسوله، وأن يجعل كتاب الله إمامنا، وهو علي بن أبي طالب، طلق النفس عن الدنيا، وقدم كتاب الله، ففيم السخط والغضب على علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟! فغضب الرجال في الحق، انصرا نصركما الله.
فتكلم عبد الله بن الزبير، فقال: لقد تهذرت يا أبا اليقظان، فقال له عمار: ما لك تتعلق في مثل هذا يا أعبس، ثم أمر فأخرج، فقام الزبير فالتفت إلى عمار (رحمه الله) فقال: عجلت يا أبا اليقظان على ابن أخيك رحمك الله. فقال: عمار بن ياسر: يا أبا عبد الله، أنشدك الله أن تسمع قول من رأيت، فإنكم معشر المهاجرين لم يهلك من هلك منكم حتى استدخل في أمره المؤلفة قلوبهم.
فقال الزبير: معاذ الله أن نسمع منهم. فقال عمار: والله يا أبا عبد الله، لو لم يبق أحد إلا خالف علي بن أبي طالب لما خالفته، ولا زالت يدي مع يده؛ وذلك لأن عليا لم يزل مع الحق منذ بعث الله نبيه (صلى الله عليه وآله)، فإني أشهد أنه لا ينبغي لأحد أن يفضل