على أن عبد الله قام بتسديد ما على أبيه من ديون لبيت المال، فقد أهملوا هذه الجهة، ولم يعرضوا لها.
وعلى أي حال فان عبد الله لما أيقن بموت أبيه طلب منه أن يعين أحدا لمركز الخلافة، ولا يهمل شؤون الأمة قال له:
" يا أبة استخلف على أمة محمد (ص) فإنه لو جاء راعي إبلك أو غنمك، وترك إبله أو غنمه لا راعي لها، وقلت له: كيف تركت أمانتك ضائعة فكيف بأمة محمد (ص)؟ فاستخلف عليهم ".
فنظر إليه نظرة ريبة وشك، واندفع يجيبه:
" إن استخلف عليهم، فقد استخلف أبو بكر، وان أتركهم فقد تركهم رسول الله (ص) " (1).
أما حديث عبد الله فقد كان حافلا بالوعي والمنطق، فإنه ليس من الحكمة في شئ أن يهمل الرئيس شؤون رعيته، من دون ان يعين لها القائد من بعده الذي يعني بأمورها السياسية والاجتماعية، فان اهماله لهذه الجهة الخطيرة يعرضها للأزمات، ويلقيها في شر عظيم، وقد زعم عمر ان رسول الله (ص) لم يعن بالقيادة الروحية والزمنية من بعده، ولم يعهد بأمره لاحد، ولعل " الوجع " قد غلب عليه فأذهله، وأنساه قيام النبي (ص) بنصب الامام أمير المؤمنين (ع) خليفة من بعده يوم " غدير خم " والزامه للمسلمين بمبايعته، وكان عمر بالذات ممن بايعه، وقال له: " بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ".
وعلى أي حال فان عمر قد فتكت به جراحاته، وأخذ منه الألم القاسي مأخذا عظيما، وقد جزع جزعا شديدا وأخذ يقول: