أدوار حكومته، فقد جهد نفسه على إقامة العدل ورفع مناره، وكان - فيما يقول المؤرخون - أول حاكم في الاسلام بنى بيتا للمظالم يضع فيه المظلومون والمعتدى عليهم رقاعا يذكرون فيها ما أصابهم من اعتداء أو مكروه، وكان بنفسه يتولى الاشراف عليها، فيأخذ لهم بحقهم، ويدفع عنهم غائلة ما أصابهم من أذى أو مكروه (1).
لقد عنى الامام عناية بالغة ببسط العدل ونشره بين الناس، وكان - فيما أجمع عليه المؤرخون - قد وجه جميع أجهزة حكومته للقضاء على الظلم وتدمير أصوله ومحو اثره، وقد قال (ع): " الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه " وقد عزل أحد ولاته حينما أخبرته سودة بنت عمارة بأنه قد جار في حكمه، فجعل الامام يبكي ويقول بحرارة:
" اللهم أنت الشاهد علي وعليهم اني لم آمرهم بظلم خلقك، ولا بترك حقك... ".
ثم عزله في الوقت (2) ونقل المؤرخون بوادر كثيرة من صور عدله بين الناس بما لم يشاهد له مثيل في جميع أدوار التاريخ.
وحدة الأمة:
وجهد الامام كأكثر ما يكون الجهد والعناء على العمل على توحيد صفوف الأمة ونشر الألفة والمحبة بين أبنائها، واعتبر الألفة الاسلامية من نعم الله الكبرى على هذه الأمة يقول (ع): " ان الله سبحانه قد