بين يديك يا أنشودة الأحرار تمثلت يومك يوم الطفوف، وأنت ترفع الضحايا من أهل بيتك وأصحابك قرابين خالصة لوجه الله إيمانا منك بأن الاسلام لا يمكن أن ينتصر في كفاحه ضد قوى البغي والالحاد إلا بالتضحية الفذة التي لا يقوى على أدائها سواك.
لقد استطعت أيها الفاتح العظيم أن تملي إرادتك على صفحات هذا الكون وتعالج المشاكل الرهيبة التي مني بها عصرك بالحلول المطلوبة، لكن ذلك قام بدمك القاني المعطر بشذى الرسالة ووحي السماء فدمرت أولئك الأقزام من حكام بني أمية الذين اغتالوا الاصلاح الاجتماعي، ودفعوا الناس إلى السراب السياسي، وتاجروا بمقومات الأمة ومقدراتها، وقذفوا بها في متاهات سحيقة لا حد لها من الانحطاط والجهل والتأخر، حتى توارت فكرة النور التي أو قد سناها الرسول (ص) وحلت محلها الوثنية القرشية فعقد لها في كل جامع ومنتدى من بلاد المسلمين صنم يقذف بشواظ من نار لإذابة هدي العقيدة، وتدمير المثل العليا، وتجريد الأمة من عناصرها الخلاقة وأفكارها الأصيلة، حتى توارت بوارق النهضة الفكرية والاجتماعية وكادت تنطوي رسالة الاسلام بقيمها ومثلها ومكوناتها.