ولعلها من أجمل ما رثى به الإمام (ع) يقول:
وسامته يركب إحدى اثنتين * وقد صرت الحرب أسنانها فإما يرى مذعنا أو تموت * نفس أبى العز اذعانها فقال لها: اعتصمي بالاباء * فنفس الابي وما زانها إذا لم تجد غير لبس الهوان * فبالموت تنزع جثمانها رأى القتل صبرا شعار الكرام * وفخرا يزين لها شأنها فشمر للحرب في معرك * به عرك الموت فرسانها (1).
إن مرائي حيدر للامام تعد - بحق - طغراء مشرقا في تراث الأمة العربية، فقد فكر فيها تفكيرا جادا ورتب أجزاءها ترتيبا دقيقا حتى جاءت بهذه الروعة، وكان - فيما يقول معاصروه - ينظم في كل حول قصيدة خاصة في الإمام (ع) ويعكف طيلة عامه على اصلاحها، ويمعن امعانا دقيقا في كل كلمة من كلماتها حتى جاءت بمنتهى الروعة والابداع.
3 - الشجاعة:
ولم يشاهد الناس في جميع مراحل التاريخ أشجع، ولا أربط جأشا، ولا أقوى جنانا من الإمام الحسين (ع) فقد وقف يوم الطف موقفا حير فيه الألباب، وأذهل فيه العقول، وأخذت الأجيال تتحدث باعجاب واكبار عن بسالته، وصلابة عزمه، وقدم الناس شجاعته على شجاعة أبيه التي استوعبت جميع لغات الأرض.
وقد بهر أعداؤه الجبناء بقوة بأسه، فإنه لم ينهار أمام تلك النكبات المذهلة التي أخذت تتواكب عليه، وكان يزداد انطلاقا وبشرا كلما ازداد