أمثال يزيد بن أبي سفيان، وسعيد بن أبي العاص، ومعاوية، ولم يشاطر أي واحد منهم أمواله كما شاطر بقية عماله، بل كان معنيا حتى بشؤون نسائهم فقد اقرض هند بنت عتبة أم معاوية أربعة آلاف من بيت المال تتجر فيها (1) فلم يعمل عمر أي عمل يتنافى مع مصالحهم وأطماعهم، فكيف اذن يقومون بتدبير المؤامرة لاغتياله؟
وعلى أي حال فمن المقطوع به أن أبا لؤلؤة انما قام بوحي نفسه لا بدافع أموي لاغتيال عمر، أما بواعث ذلك - فيما نحسب - فهي انه كان شابا متحمسا لامته ووطنه، فقد رأى بلاده قد فتحت عنوة فذهب مجد قومه وانطوى عزهم ورأى أن عمر قد بالغ في احتقار الفرق والاستهانة بهم فقد تمنى أن يحول بينه وبين الفرس جبل من حديد، وقد حضر عليهم دخول يثرب إلا من كان سنه دون البلوغ (2) وأصدر فتواه بعدم إرثهم إلا من ولد منهم في بلاد العرب (3) كما كان يعبر عنهم بالعلوج (4) ثم هو بالذات قد خف إلى عمر يشكو إليه مما ألم به من ضيق وجهد من جراء ما فرض عليه المغيرة من ثقل الخراج فزجره عمر ولم يعن به، وقال له:
" ما خراجك بكثير من أجل الحرف التي تحسنها... ".
وقد أوجدت هذه الأمور في نفسه حنقا وحقدا على عمر فأضمر له الشر، وقد اجتاز عليه فسخر منه، وقال له:
" بلغني انك تقول: لو شئت أن أصنع رحى تطحن بالريح لفعلت ولذعته هذه السخرية فاندفع يقول: