اعطاء القصاص من نفسه:
وألم المرض بالنبي (ص) فكان يعاني منه أشد العناء، فاستدعى الفضل بن عباس فقال له:
خذ بيدي يا فضل، فاخذ بيده حتى أجلسه على المنبر، وأمره ان ينادي بالناس الصلاة جامعة، فنادى الفضل بذلك فاجتمعت الناس فقال صلى الله عليه وآله:
" أيها الناس، إنه قد دنا مني خلوف من بين أظهركم، ولن تروني في هذا المقام فيكم، وقد كنت أرى أن غيره غير مغن عني حتى أقومه فيكم، الا فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد، ومن كنت اخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد، ولا يقولن قائل أخاف الشحناء، من قبل رسول الله، الا وان الشحناء ليست من شأني، ولا من خلقي، وان أحبكم إلي من اخذ حقا إن كان له علي أو حللني فلقيت الله عز وجل، وليس لاحد عندي مظلمة.. ".
وقد أسس (ص) بذلك معالم العدل، ومعالم الحق بما لم يؤسسه أي مصلح في العالم فقد اعطى القصاص من نفسه ليخرج من هذه الدنيا وليس لأي أحد حق أو مال أو تبعة عليه، فانبرى إليه رجل فقال له:
" يا رسول الله لي عندك ثلاثة دراهم ".
فقال (ص): " اما انا فلا اكذب قائلا، ولا مستحلفه على يمين فبم كانت لك عندي؟ ".
قال الرجل: أما تذكر انه مر بك سائل فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم