فقد حفل بتشريع ضخم لاصلاح الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهو أرقي وثيقة سياسية تهدف إلى ارتقاء المجتمع، وتحقيق مصالحه، ولولا الخروج عن الموضوع لوضعنا بنوده موضع التحليل.
مراقبة الولاة:
وكان - فيما أجمع عليه المؤرخون - يتفقد شؤون ولاته وعماله، ويرسل العيون لتحري أعمالهم فان رأى منهم خيانة أو تقصيرا في واجبات أحد منهم عزله وأنزل به أقصى العقوبات، وقد بلغه ان ابن هرمة قد خان سوق الأهواز فكتب إلى عامله: " إذا قرأت كتابي فنح ابن هرمة عن السوق وأوقفه للناس، واسجنه وناد عليه، واكتب إلى أهل عملك تعلمهم رأيي فيه، ولا تأخذك فيه غفلة ولا تفريط فتهلك عند الله، وأعزلك أخبث عزلة - وأعيذك منه - فإذا كان يوم الجمعة فأخرجه من السجن، واضربه خمسة وثلاثين سوطا، وطف به إلى الأسواق، فمن أتى عليه بشاهد فحلفه مع شاهده، وادفع إليه من مكسبه ما شهد به عليه، ومر به إلى السجن مهانا مقبوحا منبوحا " (1).
انها صرامة العدل التي تحسم الخيانة، وتقضي على الرشوة، ولا تدع أي مجال للسرقة من الشعب... وقد تحرى كل بادرة تصدر من ولاته وقد بلغه أن عامله على البصرة قد دعي إلى وليمة قوم من أهلها، فكتب إليه يلومه على ذلك، وقد حاء في رسالته:
" أما بعد: يا بن حنيف فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان، وتنقل إليك الجنان، وما ظننت انك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو، فانظر