يبكي حتى تسيل دموعه على خديه كأنها نظام اللؤلؤ، وهو يصعد آهاته ويقول:
" يوم الخميس، وما يوم الخميس؟!! قال رسول الله (ص):
إئتوني بالكتف والدواة: أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فقالوا:
إن رسول الله يهجر... " (1).
حقا انها رزية الاسلام الكبرى فقد حيل بين المسلمين وبين سعادتهم وتقدمهم في ميادين الحق والعدل.
فجيعة الزهراء:
ونخب الحزن قلب بضعة الرسول (ص) وريحانته، وبرح بها الألم وأضناها الأسى حينما علمت أن أباها مفارق لهذه الحياة فقد جاءت إليه تتعثر بخطاها وهي مذهولة كأنها تعاني آلام الاحتضار فجلست إلى جانبه وهي محدقة بوجهه وسمعته يقول: " وا كرباه ".
ويمتلئ قلبها الطاهر بالأسى والحزن والحسرات فتسرع إليه قائلة:
" وا كربي لكربك يا أبتي ".
فأشفق الرسول (ص) حينما رأى حبيبته كأنها صورة جثمان قد فارقته الحياة فقال لها مسليا:
" لا كرب على أبيك بعد اليوم " (2).
فكانت هذه الكلمات أشد على نفسها من هول الصاعقة فقد علمت أن أباها سيفارقها، ورأها النبي (ص) وهي ولهى حائرة، قد خطف