عاش الإمام الحسين (ع) وهو في ريعان الصبا، وغضارة العمر في كنف جده الرسول الأعظم (ص) وكان يغدق عليه بعطفه، ويفيض عليه بحنانه، ويعمل على توجيهه وتقويمه، حتى توسعت مداركه، ونمت ملكاته وهو في سنه المبكر، وكانت هذه الفترة القصيرة التي عاش مع جده من أهم الفترات وأروعها في تاريخ الاسلام كله، فقد وطد الرسول (ص) فيها أركان دولته، وأقامها على أساس العلم والايمان، وهزم جويش الشرك وفلل قواعد الالحاد، وقام الاسلام على سوقه عبل الذراع مفتول الساعد وأخذت الانتصارات الرائعة تترى على الرسول (ص) وأصحابه، فقد دخل الناس في دين الله أفواجا، أفواجا، وامتد حكم الاسلام على أغلب مناطق الجزيرة العربية.
وفي غمرات هذه الانتصارات الرائعة شعر الرسول (ص) بان حياته قد انطوت وأيامه قد انتهت، لأنه أدى ما عليه وأقام دينه العظيم يؤدي فعالياته في توجيه الانسان، وإقامة سلوكه، فإذن لابد له من الرحيل عن هذه الحياة.... ونتحدث عن فصول هذه المأساة الكبرى التي مني بها المسلمون وننظر إلى ما رافقها من الاحداث الخطيرة فإنها ترتبط ارتباطا موضوعيا بما نحن فيه، فهي تكشف عن كثير من الأسباب التي أدت إلى ما عاناه الإمام الحسين (ع) مع أهل البيت من النكبات والخطوب.
طلائع الرحيل:
وبدت طلائع الوفاة، ومفارقة الحياة للقائد والمنقذ والمعلم الرسول صلى الله عليه وآله فقد كانت هناك انذارات متوالية تدلل على ذلك وهي كما يلي: