الفرسان يمينا وشمالا، وتلقي أنفسها على الموت، لا تقبل الأمان، ولا ترغب في المال، ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنية، والاستيلاء على الملك، فلو كففنا عنها رويدا لأتت على نفوس العسكر بحذافيره، فما كنا فاعلين لا أم لك... " (1).
ووصف بعض الشعراء هذه البسالة النادرة بقوله:
فلو وقفت صم الجبال مكانهم * لمادت على سهل ودكت على وعر فمن قائم يستعرض النبل وجه * ومن مقدم يرمي الأسنة بالصدر وما أروع قول السيد حيدر:
دكوا رباها ثم قالوا: لها * وقد جثوا نحن مكان الربا لقد تحدى أبو الأحرار ببسالته النادرة الطبيعة البشرية فسخر من الموت وهزأ من الحياة، وقد قال لأصحابه حينما مطرت عليه سهام الأعداء:
" قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لابد منه، فان هذه السهام رسل القوم إليكم... ".
لقد دعا أصحابه إلى الموت كأنما هو يدعوهم إلى مأدبة لذيذة، ولقد كانت لذيذة عنده حقا، لأنه هو ينازل الباطل ويرتسم له برهان ربه الذي هو مبدؤه (2).
4 - الصراحة:
من صفات أبي الأحرار الصراحة في القول، والصراحة في السلوك ففي جميع فترات حياته لم يوارب ولم يخادع، ولم يسلك طريقا فيه أي