يا بن آدم أذكر مصارع آبائك، وأبنائك، كيف كانوا، وحيث حلوا، وكأنك عن قليل قد حللت محلهم، وصرت عبرة المعتبرة... ثم أنشد هذه الأبيات:
أين الملوك التي عن حفظها غفلت * حتى سقاها بكأس الموت ساقيها تلك المدائن في الآفاق خالية * عادت خرابا وذاق الموت بانيها أموالنا لذوي الوارث نجمعها * ودورنا لخراب الدهر نبنيها (1) هذه بعض ما أثر عنه من المواعظ الهادفة إلى صلاح النفوس وتهذيبها وأبعادها عن نزعات الهوى والشرور.
من خطبه:
وللامام (ع) مجموعة كبيرة من الخطب الرائعة التي تجسدت فيها صلابة الحق، وقوة العزم، وروعة التصميم على الجهاد في سبيل الله، وقد ألقاها الامام في وقت كان الجو ملبدا بالمشاكل السياسية، وقد شجب فيها سياسة الحكم الأموي ودعا المسلمين إلى الانتفاضة عليه، وسنذكر جملة منها في مواضعها الخاصة، ونذكر هنا خطبة واحدة منها:
صعد (ع) المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي (ص) فسمع رجلا يقول: من هذا الذي يخطب؟ فأجابه (ع):
" نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسول الله (ص) الأقربون، وأهل بيته الطيبون وأحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله (ص) ثاني كتاب الله تبارك وتعالى، الذي فيه تفصيل كل شئ لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، والمعول علينا في تفسيره، ولا يبطئنا تأويله،