يرشف دوما تغره الكريم ذلك الثغر الذي قال كلمة الله وفجر ينابيع العدل والحق في الأرض.
6 - الصبر:
من النزعات الفذة التي تفرد بها سيد الشهداء الصبر على نوائب الدنيا ومحن الأيام، فقد تجرع مرارة الصبر منذ أن كان طفلا، فرزئ بجده وأمه، وشاهد الاحداث الرهيبة التي جرت على أبيه، وما عاناه من المحن والخطوب، وتجرع مرارة الصبر في عهد أخيه، وهو ينظر إلى خذلان جيشه له، وغدرهم به، حتى أرغم على الصلح، وبقي معه يشاركه في محنه وآلامه، حتى اغتاله معاوية بالسم، ورام أن يوارى جثمانه بجوار جده فمنعته بنو أمية فكان ذلك من أشق المحن عليه.
ومن أعظم الرزايا التي صبر عليها أنه كان يرى انتقاض مبادئ الاسلام، وما يوضع على لسان جده من الأحاديث المنكرة التي تغير وتبدل شريعة الله، ومن الدواهي التي عاناها أنه كان يسمع سب أبيه وانتقاضه على كل هذه الرزايا والمصائب.
وتواكبت عليه المحن الشاقة التي تميد بالصبر في يوم العاشر من المحرم فلم يكد ينتهي من محنة حتى تطوف به مجموعة من الرزايا والام، فكان يقف على الكواكب المشرقة من أبنائه وأهل بيته، وقد تناهبت السيوف والرماح أشلاءهم فيخاطبهم بكل طمأنينة وثبات:
" صبرا يا أهل بيتي، صبرا يا بني عمومتي، لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم ".