" أما بعد: فان أول مركب صعب، وما كنا خطباء، وسيعلم الله وان امرءا ليس بينه وبين آدم إلا أب ميت لموعوظ... " (1).
ونزل عن المنبر، وهو وجل القلب، مصفر الوجه، فجعل الناس ينظر بعضهم إلى بعض وهم يهزؤن ويسخرون... ولابد لنا من الالمام بمظاهر شخصيته والوقوف على اتجاهاته السياسية، كما لابد من التأمل في الاحداث التي رافقت حكومته والتي كان لها التأثير المباشر في كثير من الفتن والخطوب التي مني بها العالم الاسلامي، ونحن لا نجد بدا من عرض ذلك لان دراسة هذه الاحداث تلقى الأضواء على حياة الإمام الحسين (ع) ويكشف لنا كثيرا من جوانب كارثة كربلاء التي جاءت نتيجة حتمية لتلك الاحداث التي لعبت دورها الخطير في تغيير مناجي العقيدة الاسلامية.
مظاهر شخصيته:
أما المظاهر الكاشفة عن ابعاد شخصية عثمان، والمحددة لذاتياته فأهمها ما يلي:
1 - إنه كان ضعيف الإرادة خائر العزيمة، فلم تكن له أية شخصية قوية متماسكة يستطيع بها أن يفرض آراءه وارادته، كما لم تكن له أية قدرة على مواجهة الاحداث والتغلب عليها، قد اخذ الأمويون بزمامه، واستولوا على جميع مقدرات حكومته، فلم يستطع أن يقف موقفا ايجابيا يتسم بالصلابة ضد رغباتهم، وأهوائهم، فكان بالنسبة إليهم - فيما يقول بعض المؤرخين - كالميت في يد الغاسل، وكان الذي يدير شؤون دولته مروان بن الحكم، فهو الذي يعطي ما يشاء، ويمنع من يشاء ويتصرف في