تنقص الأعمار، ربك للباغين من أحكم الحاكمين، وعالم بضمير المضمرين بئس الزاد للمعاد العدوان على العباد، في كل جرعة شرق، وفي كل أكلة غصص، لا تنال نعمة إلا بفراق أخرى، ما أقرب الراحة من التعب، والبؤس من النعيم، والموت من الحياة، فطوبى لمن أخلص لله تعالى علمه وعمله وحبه وبغضه وأخذه وتركه، وكلامه وصمته، وبخ بخ لعالم علم فكف، وعمل فجد وخاف التباب (1) فأعد واستعد، إن سئل أفصح، وان ترك سكت، كلامه صواب، وصمته من غير عي عن الجواب، والويل كل الويل لمن بلى بحرمان وخذلان وعصيان، واستحسن لنفسه ما يكرهه لغيره، من لانت كلمته وجبت محبته، من لم يكن له حياء ولا سخاء فالموت أولى به من الحياة، لا تتم مروءة الرجل حتى لا يبالي أي ثوبيه لبس، ولا أي طعاميه أكل " (2).
وحفلت هذه الوصية بآداب السلوك وتهذيب الأخلاق، والدعوة إلى تقوى الله التي هي القاعدة الأولى في وقاية النفس من الانحراف والآثام وتوجيهها الوجه الصالحة التي تتسم بالهدى والرشاد.
تربية فاطمة له:
وعنت سيدة النساء (ع) بتربية وليدها الحسين، فغمرته بالحنان والعطف لتكون له بذلك شخصيته الاستقلالية، والشعور بذاتياته، كما