يناوله إلى سوادة ليقتص منه، فأخذه سوادة واقبل نحو رسول الله (ص) وقد اتجه المسلمون بقلوبهم إلى هذا الحادث الرهيب فالرسول (ص) قد فتك به المرض والم به الداء وهو يعطي القصاص من نفسه، ووقف سوادة على رسول الله فقال له:
" يا رسول الله اكشف لي عن بطنك ".
فكشف رسول الله (ص) عن بطنه فقال له سوادة بصوت خافت حزين النبرات:
" يا رسول الله أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك؟ ".
فاذن له رسول الله فوضع سوادة فمه على بطن رسول الله يوسعها تقبيلا ودموعه تتبلور على خديه قائلا:
" أعوذ بموضع القصاص من رسول الله من النار يوم النار ".
فقال له رسول الله:
" أتعفو يا سوادة أم تقتص؟ ".
" بل أعفو يا رسول الله ".
فرفع النبي (ص) يديه بالدعاء قائلا:
" اللهم اعفو عن سوادة كما عفا عن نبيك " (1).
وذهل المسلمون وهاموا في تيارات من الهواجس والأفكار، وأيقنوا بنزول القضاء من السماء، فقد انتهت أيام نبيهم، ولم يبق بينهم إلا لحظات هي أعز عندهم من الحياة.