ومن الحق انه قد حلق في وصفه لاباء الامام، ويضاف لذلك جمال اللفظ فليس في هذا الشعر كلمة غريبة أو حرف ينبو على السمع.
وانظر إلى هذه الأبيات من رائعته الأخرى التي يصف بها اباء الحسين يقول:
لقد مات لكن ميتة هاشمية * لهم عرفت تحت القنا المتقصد كريم أبى شم الدنية أنفه * فأشممه شوك الوشيج المسدد وقال: قفي يا نفس وقفه وارد * حياض الردى لا وقفة المتردد رأى أن ظهر الذل أخشن مركبا * من الموت حيث الموت منه بمرصد فآثر أن يسعى على جمرة الوغى * برجل ولا يعطى المقادة عن يد (1) لا أكاد أعرف شعرا أدق، ولا أعذب من هذا الشعر فهو يمثل أصدق تمثيل منعة الامام العظيم وعزة نفسه التي آثرت الموت تحت ظلال الأسنة على العيش الرغيد بذل وخنوع، ناهجا بذلك منهج الشهداء من أسرته الذين تسابقوا إلى ساحات النضال، واندفعوا بشوق إلى ميادين التضحية والفداء لينعموا بالكرامة والعزة.
ومضى حيدر في تصويره لاباء الامام الشهيد فوصفه بأنه أبى شم الدنية والضيم، وعمد إلى شم الرماح والسيوف لان بها طعام الاباء وطعم الشرف والمجد... وعلى هذا الغرار من الوصف الرائع يمضي حيدر في تصويره لمنعة الامام، تلك المنعة التي ملكت مشاعره وعواطفه كما ملكت عواطف غيره، ومن المقطوع به أنه لم يكن متكلفا بذلك، ولا منتحلا وانما وصف الواقع وصفا صادقا لا تكلف فيه.
ويقول حيدر: في رائعة أخرى يصف بها اباء الامام وسمو ذاته،