فجاء علي (عليه السلام) وعليه سمل (1) ثوب منخرق عن بعض جسده، فجلس قريبا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنظر إليه ساعة ثم قرأ: * (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) *. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أما إنك رأس الذين نزلت فيهم هذه الآية وسيدهم وإمامهم. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: أين حلتك التي كسوتكها يا علي؟ فقال: يا رسول الله، إن بعض أصحابك أتاني يشكو عريه وعري أهل بيته، فرحمته وآثرته بها على نفسي، وعرفت أن الله سيكسوني خيرا منها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صدقت، أما إن جبرائيل قد أتاني يحدثني أن الله [قد] اتخذ لك مكانها في الجنة حلة خضراء من إستبرق، وصبغتها من ياقوت وزبرجد، فنعم الجواز جواز ربك بسخاوة نفسك، وصبرك على سملتك (2) هذه المنخرقة، فأبشر يا علي. فانصرف علي (عليه السلام) فرحا مستبشرا بما أخبره به رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3).
556 - أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المفسر: رأيت في بعض الكتب أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أراد الهجرة خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلة خرج إلى الغار - وقد أحاط المشركون بالدار - أن ينام على فراشه، وقال له: اتشح ببردي الحضرمي الأخضر، فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى ففعل ذلك، فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل (عليهما السلام) أني آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختارا كلاهما الحياة، فأوحى الله عز وجل إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب؟! آخيت بينه وبين نبيي محمد، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة؟! اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه. فنزلا، فكان