وحكى السمر قندي أن معناه عافاك الله.
وأما قوله في أساري بدر: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم. لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) [الأنفال 67، 68] فليس فيه إلزام ذنب للنبي صلى الله عليه وسلم، بل فيه بيان ما خص به وفضل من بين سائر الأنبياء، فكأنه قال: ما كان هذا لنبي غيرك، كما قال صلى الله عليه وسلم: أحلت لي الغنائم، ولم تحل لنبي قبلي.
فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: (تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم) [الأنفال 67].
قيل: المعنى بالخطاب لمن أراد ذلك منهم، وتجرد غرضه لعرض الدنيا وحده، والاستكثار منها، وليس المراد بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، ولا علية أصحابه، بل قد روي عن الضحاك أنها نزلت حين انهزم المشركون يوم بدر، واشتغل الناس بالسلب وجمع الغنائم عن القتال، حتى خشي عمر أن يعطف عليهم العدو.
ثم قال تعالى: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) [الأنفال 68]، فاختلف المفسرون في معنى الآية، فقيل: معناها لولا أنه سبق مني أن لا أعذب أحدا إلا بعد النهي لعذبتكم.
فهذا ينفي أن يكون أمر الاسرى معصية.
وقيل: المعنى لولا إيمانكم بالقرآن، وهو الكتاب السابق فاستوجبتم به الصفح - لعوقبتم على الغنائم.
ويزاد هذا القول تفسيرا وبيانا بأن يقال: لولا ما كنتم مؤمنين بالقرآن، وكنتم ممن أحلت لهم الغنائم لعوقبتم، كما عوقب من تعدى.
وقيل: لولا أنه سبق في اللوح المحفوظ أنها حلال لكم لعوقبتم.
فهذا كله ينفي الذنب والمعصية، لان من فعل ما أحل له لم يعص، قال الله تعالى:
(فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) [الأنفال 69].
وقيل: بل كان صلى الله عليه وسلم قد خير في ذلك، وقد روي عن علي رضي الله عنه، قال: جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، فقال: خير أصحابك في الأسارى، إن شاؤوا القتل، وإن شاؤوا الفداء، على أن يقتل منهم في العام المقبل مثلهم. فقالوا: الفداء ويقتل منا.
وهذا دليل على صحة ما قلناه، وأنهم لم يفعلوا إلا ما أذن لهم فيه، لكن بعضهم مال