وحكى السمر قندي أن ذنبه الذي استغفر منه قوله لاحد الخصمين: (لقد ظلمك)، فظلمه بقول خصمه.
وقيل: بل لما خشي على نفسه، وظن من الفتنة بما بسط له من الملك والدنيا. وإلى نفي ما أضيف في الاخبار إلى داود من ذلك - ذهب أحمد بن نصر، وأبو تمام، وغيرهما من المحققين.
وقال الداودي: ليس في قصة داود وأوريا خبر يثبت، ولا يظن بنبي محبة قتل مسلم.
وقيل: إن الخصمين اللذين اختصما إليه رجلان، في نعاج غنم، على ظاهر الآية.
وأما قصة يوسف وإخوته فليس على يوسف فيها تعقب، وأما إخواته فلم تثبت نبوتهم فيلزم الكلام على أفعالهم. وذكر الأسباط وعدهم في القرآن عند ذكر الأنبياء ليس صريحا في كونهم من أهل الأنبياء.
قال المفسرون يريد من نبئ من أبناء الأسباط.
وقد قيل: إنهم كانوا حين فعلوا بيوسف ما فعلوه صغار الأسنان، ولهذا لم يميزوا يوسف حين اجتمعوا به، ولهذا قالوا: أرسله معنا غدا نرتع ونلعب، وإن ثبتت لهم نبوة فبعد هذا، والله أعلم.
وأما قول الله تعالى فيه: (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) [يوسف 24] فعلى طريق كثير من الفقهاء والمحدثين أن هم النفس لا يؤاخذ به، وليس سيئة، لقوله صلى الله عليه وسلم - عن ربه: " إذا هم عبدي بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة "، فلا معصية في همه إذا.
وأما على مذهب المحققين من الفقهاء والمتكلمين فإن الهم إذا وطنت عليه النفس سيئة. وأما ما لم توطن عليه النفس من همومها وخواطرها فهو المعفو عنه.
وهذا هو الحق، فيكون - إن شاء الله - هم يوسف من هذا، ويكون قوله: (وما أبرئ نفسي إن النفس لامارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) [يوسف 53].
أي ما أبرئها من هذا الهم، أو يكون ذلك منه على طريق التواضع والاعتراف بمخالفة النفس لما زكي قبل وبرئ، فكيف وقد حكى أبو حاتم عن أبي عبيدة - أن يوسف لم يهم، وأن الكلام فيه تقديم وتأخير، أي: ولقد همت به، ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها، وقد قال الله تعالى - عن المرأة (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) [يوسف 32]. وقال تعالى:
(كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) [يوسف 24]. وقال تعالى: (وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي) [يوسف 23] الآية.