عندي مثل أحد ذهبا، تمضي على ثلاثة، وعندي منه دينار، إلا شيئا أرصده لدين، إلا أن أقول في عباد الله هكذا، وهكذا)، وروى عن أبي هريرة نحوه.
وروى أبو بكر الحميدي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل بعض حيطان الأنصار، فجعل يلتقط من التمر، ويأكل، فقال لي:
(يا ابن عمر ما لك لا تأكل؟) قلت يا رسول الله لا أشتهيه، قال: (لكني أشتهيه، وهذه صبح رابعة لم أذق طعاما، ولم أجده، ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يحبون رزق سنتهم ويضعفون؟ قال: فوالله ما برحنا، ولا زمنا حتى نزلت: (وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم) [العنكبوت 60] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم يأمرني بكنز الدنيا، ولا اتباع الشهوات، فمن كنز دنياه يريد بها حياة باقية، فإن الحياة بيد الله، ألا وإني لا أكنز دينارا، ولا درهما، ولا أخبئ رزقا لغد).
تنبيهات الأول: قال الحافظ بن عبد الله البجلي: سألت نعيم بن حماد قلت: جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يشبع في يوم من خبز مرتين، وجاء عنه أنه كان يعد لأهله قوت سنة، فكيف هذا؟ قال: كان يعد لأهله قوت سنة، فتنزل النازلة، فيقسمه، فيبقى بلا شئ.
الثاني: قال الحافظ بن كثير: المراد أنه كان لا يدخر شيئا مما يسرع إليه الفساد كالأطعمة ونحوها، لما ثبت في الصحيحين عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب، فكان يعزل نفقة أهله سنة، ثم يجعل ما بقي من الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل، ومما يؤيد ما قلناه ما رواه الإمام أحمد، وأبو يعلى - برجال ثقات - عن أنس قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة طوائر فأطعم خادمه طائرا، فلما كان من الغد أتته به، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألم أنهك أن ترفعي شيئا لغد؟ فإن الله تعالى يأتي برزق كل غد).
الثالث: في بيان غريب ما سبق:
الادخار: تقدم الكلام عليه.
ساهم الوجه: بالمهملة: متغيره، وقد تقدم الكلام عليه.
البخار: بموحدة مضمومة، فخاء معجمة: النتن في الفم، وكل رائحة ساطعة بحدة.
الدرع: تقدم الكلام عليه.
الصاع: بصاد فألف، فعين مهملتين: خمسة أرطال وثلث أو ثمانية أرطال.
أرصده: بهمزة مفتوحة، فراء ساكنة، فصاد مضمومة، فدال مهملات.