فنظر، فلم يجد شيئا يجعلها فيه، فقال: (ضعه في الحضيض، فإنما هو عبد يأكل كما يأكل العبد، ويشرب كما يشرب العبد، لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقي الكافر منها ماء (1).
وروى البخاري وغيره عن ابن عباس قال: خرج أبو بكر في الهاجرة إلى المسجد فسمع بذلك عمر فخرج، فقال: يا أبا بكر ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال: لا، والله ما أخرجني إلا الجوع، فقال: أنا والذي نفسي بيده، ما أخرجني غيره، فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال (ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟)] فقالا: الجوع فقال: (أنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غيره،) فقاموا، فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري، فذكر الحديث في إتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر بيت أبي أيوب وذبحه لهم شاة، وطبخه لها، قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشاة، ووضعه على رغيف، وقال: (يا أبا أيوب أبلغ هذا فاطمة، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام) (2).
وروى مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: رأى أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في المسجد يتقلب على ظهر لبطن وأظنه جائعا وذكر الحديث.
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ما أعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئ من الدنيا، ولا أعجبه شئ من أمر الدنيا إلا أن يكون ذا تقى (3).
وروى الإمام أحمد، وأبو يعلى، والبيهقي بسند جيد عن أنس رضي الله تعالى عنه قال:
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مرمول بالشريط، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، فدخل عمر بن الخطاب في نفر معه، فانحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم انحرافة، فلم ير عمر بين جنبيه وبين الشريط ثوبا، وقد أثر الشريط بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك يا عمر؟ فقال: والله ما أبكي إلا لكوني أعلم أنك رسول الله، أكرم على الله من كسرى وقيصر، وهما يعيشان في الدنيا فيما يعيشان فيه، وأنت رسول الله بالمكان الذي أرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة،) قال: بلى، قال: (فإنه كذلك) (4).
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: دخل عمر على