عامله بكمال الإحسان، وأبعده من حر النيران، إلى برد لطيف الجنان.
وروى الدارمي عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حييا لا يسأل شيئا إلا أعطى (1) ولقد أحسن ابن جابر حيث قال:
يروى حديث الندى والبشر عن يده * ووجهه بين منهل ومنسجم من وجه أحمد لي ندى ومن يده * بحر ومن فمه در لمنتظم يمم نبيا يباري الريح نافلة * والمزن من كل هامي الورد خير همي لو عامت الفلك فيما فاض من يده * لم تلق أعظم بحرا منه أن تعم يحيط كفاه بالبحر المحيط فلذ * به ودع كل طامي الموج ملتطم لو لم تحط كفه بالبحر * ما اشتملت كل الأنام وروت قلب كل ظمي وروى الترمذي عن الربيع بن عفراء قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع من رطب، وجرو زغب، فأعطاني ملء كفي حليا، أو ذهبا، ويرحم الله ابن جابر حيث قال:
لقد كان فعل الخير قرة عينه * فليس له فيما سواه مجال فلو سألوا من كفه رد سائل * أجابهم هذا السؤال محال ولو عرف المحتاج قبل سؤاله * كفاه، وأغنى أن يكون سؤال يبادر للحسنى ويبذل زاده * ولو بات مس الجوع منه ينال وروى البخاري، وابن ماجة، وابن سعد، والطبراني، والإسماعيلي والنسائي عن سهل ابن سعد رضي الله تعالى عنه أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها، قال سهل: أتدرون ما البردة؟ قالوا، الشملة، قال: نعم، قالت نسجتها بيدي لأكسوكها فخذها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فخرج إلينا وإنها لإزاره فقال الأعرابي: يا رسول الله بأبي أنت وأمي هبها لي وفي لفظ، فقال: (نعم)، فجلس ما شاء الله في المجلس، ثم رجع فطواها فأرسل بها إليه، ثم سأله، وعلم أنه لا يرد سائلا، وفي لفظ: لا يسأل شيئا فيمنعه قال: والله إني ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني، رجوت بركتها حين لبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال سهل: فكانت كفنه، زاد الطبراني: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصنع له غيرها، فمات قبل أن تنزع (2).
وروى الطبراني عن أم سنبلة قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدية، فأبى أزواجه أن يقبلنها، فأمرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذنها، ثم أقطعها واديا.