رجل: يا رسول الله اعدل، فقال: (ويلك فمن يعدل إذا لم أعدل؟ لقد خبت وخسرت إن لم أعدل) فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله دعني أقتل هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (معاذ الله أن يتحدث الناس أنني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلوقهم أو قال: حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية (1).
وروى الإمام أحمد وعبد بن حميد، والبخاري والنسائي وأبو الشيخ، والبيهقي عن زيد ابن أرقم رضي الله تعالى عنه: سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود، فاشتكى لذلك أياما، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال إن رجلا من اليهود سحرك، فعل لذلك عقدا، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله تعالى عنه فاستخرجها، فجاء بها فجعل كل ما حل عقدة وجد لذلك خفة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال، فما ذكر ذلك لليهودي، ولا رآه في وجهه (2).
وروى البيهقي في شعب الإيمان، مرسلا عن عبد الله بن عبيد مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كسرت رباعيته، وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه، وقالوا: لو دعوت عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لم أبعث لعانا، ولكن بعثت داعيا ورحمة، اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون (3))، ورواه موصولا عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه مختصرا: (اللهم: اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون)، ولله در القائل حيث قال.
وما الفضل إلا أنت خاتم فضة * وعفوك نقش الفص فاختم به عذري ومن رحمته ورأفته صلى الله عليه وسلم بأمته تخفيفه وتسهيله عليهم، وكراهيته أشياء مخافة أن تفرض عليهم، كقوله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء، ومع كل صلاة، ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل)، وخبر قيام رمضان، ونهيه عن الوصال، وكراهته دخول الكعبة لئلا يعنت أمته، ورغبته لربه أن يجعل سبته ولعنته رحمة لمن سبه وزكاة وطهورا.
تنبيهات الأول: الحلم حالة توقير، وثبات في الأمور، وتصبر على الأذى، لا يستثير صاحبه الغضب عند الأسباب المحركة، ولا يحمله على انتقام، وهو شعار العقلاء، وقد كان صلى الله عليه وسلم منه بالحمل الأعظم، كما يشهد له قول أبي سفيان وقد قال له: يا عم أما آن لك أن تسلم؟ (بأبي