وروى مسدد مرسلا برجال ثقات عن عيسى الأنصاري رحمه الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم أحد بماء، فأتاه رجل بإداوة من ماء، فقال: اجتث فم القربة واشرب، ورواه أبو داود موصولا من طريق عبيد الله بن عمر عن عيسى بن عبد الله - رجل من الأنصار - عن أبيه.
السادس: في شربه صلى الله عليه وسلم من الدلو ومجه في بعض الآنية.
وروى البزار برجال ثقات عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزلنا، فناولته دلوا فشرب، ثم مج في الدلو.
السابع: فيما كره صلى الله عليه وسلم الشرب منه.
روى محمد بن عمر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتقي أن يشرب من الإناء العاري.
تنبيهات الأول: قال في زاد المعاد كان له صلى الله عليه وسلم قدح يسمى الذبال، ويسمى مغيثا، وركوة تسمى الغار.
الثاني: ورد النهي عن اختناث الأسقية، فقد روى الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن اختناث الأسقية، قال في النهاية: إنما نهى عنه لأنه ينتنها، فإن إدارة الشرب هكذا مما يغير ريحها، وقيل لئلا يترشرش الماء على الثوب لسعة فم السقاء، والمحذور على الأول مأمون، فإن نكهته الشريفة صلى الله عليه وسلم أطيب من كل طيب، ولا يخشى منه ما في غيره من تغير السقاء ونتنه، وورد النهي عن الشرب من فم السقاء، فقد روى الطبراني برجال ثقات عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب من السقاء قال: الخطابي رحمه الله تعالى:
إنما كرهه من أجل ما يخاف من أذى عساه يكون فيه لا يراه الشارب حتى يدخل في جوفه، فاستحب أن يشرب في إناء طاهر يبصره.
الثالث: روى البيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: لقد شرب رجل من فم سقاء فانساب في بطنه جان، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية، ومن هذا استفيد سبب النهي.
قال البيهقي رحمه الله تعالى: وأما ما روي في الرخصة في ذلك فأخبار النهي أصح إسنادا، وقد حمله بعض أهل العلم على ما لو كان السقاء معلقا فلا يدخله هوام الأرض.