فانظر إلى عدو الله لم يشغله ما حل به من البلاء العظيم وتوقع القتل والتمثيل عن الخديعة والمكر وقصد السوء.
وانظر إلى الحسن (عليه السلام) لم يغفل عن التيقظ والتحفظ وقد أصيب بهذا المصاب الجسيم والهول العظيم.
(قال الباعوني:) وفيما سقته من أمر مقتله (عليه السلام) كفاية والله أعلم.
وأما البرك بن عبد الله فإنه توجه في تلك الليلة التي ضرب فيها علي عليه السلام بقصد معاوية (إلى مسجد دمشق) فلما خرج (معاوية لصلاة) الغداة شد عليه بسيفه فوقع السيف بأليته وأخذ (الرجل) فقال (لمعاوية): إن عندي خبرا أسرك به فإن أخبرتك فنافعني عندك؟ قال (معاوية): نعم. قال: إن أخا لي قتل علي بن أبي طالب في هذه الليلة. قال: لعله لم يقدر على ذلك. قال: بلى إن عليا يخرج وليس معه أحد يحرسه. (فحبسه معاوية عنده فلما أتاه أن عليا قتل خلى سبيله. وقال غيره من الرواة:
بل قتله من وقته) (1).
وبعث معاوية إلى الساعدي وكان طبيبا فلما نظر إليه قال له: اختر إحدى خصلتين: إما أن أحمي حديدة فأضعها موضع السيف وإما (أن) أسقيك شربة ينقطع بها منك الولد وتبرأ فإن ضربتك مسمومة. قال معاوية: أما النار فلا صبر لي عليها وأما انقطاع الولد فإن في يزيد (وعبد الله) ما تقر به عيني. فسقاه (الطبيب) تلك الشربة فبرأ ولم يولد له بعدها ولد.
وأما عمرو بن العاصي فإن صاحبه جلس له تلك الليلة فلم يخرج (عمرو) وكان (عمرو) قد اشتكى بطنه (تلك الليلة) فأمر خارجة - وكان صاحب شرطته - فخرج (خارجة) ليصلي مكانه فشد عليه (الخارجي) وهو يرى أنه عمرو فضربه فقتله وأخذه الناس وانطلقوا به إلى عمرو وهو يسلمون عليه بالامرة فقال (الخارجي): من هذا؟ قالوا: عمرو بن العاص. قال: فأنا من قتلت؟ قالوا: خارجة. فقال: أنا أردت عمرا وأراد الله خارجة والله ما أردت يا فاسق إلا أنت.
فقدمه (عمرو) وقتله، وقد تقدم ذكر بعض ذلك و (لكن) إنما الحديث ذو شجون.
ولما انتهى خبر علي رضي الله عنه إلى عائشة أم المؤمنين " رض " قالت:
فألقت عصاها واستقر بها النوى * كما / 96 / أ / قر عينا بالإياب المسافر