ثم استسقى عسلا فأتاه (ابن أخيه) بعسل فحسا منه حسوة ثم قال: إن عسلك هذا طائفي وهذا غريب من هذه البلدة. قال: يا أمير المؤمنين (أ) ما شغلك ما أنت فيه عن علم هذا؟! فقال: إنه والله ما ملأ صدري شئ (من أمر الدنيا) يا ابن أخي!!!.
ثم دخل البصرة فخطب خطبته المشهورة الطويلة التي احتوت من الفصاحة والبلاغة وأنواع البديع والمواعظ وذكر عجائب السماوات والأرض والوعد والوعيد وأتى فيها بما حارت فيه العقول (1).
ثم بعث إلى عائشة بعد أيام يأمرها بالخروج (من البصرة إلى المدينة) ووجه إليها (مع) ابن عباس بمال كثير ثم ذهب إليها بنفسه وشيعها أميالا (2) ووجه معها أربعين امرأة - وقيل: سبعين (امرأة) - من عبد شمس وقال (لهن): كن في هيئة الرجال وهي لا تعلم فسارت إلى أن وصلت المدينة فقيل لها: كيف رأيت مسيرك؟ قالت: كنت بخير ولقد أعطاني فأكثر لكنه بعث مع حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا!!!
فكشف النساء عن وجوههن وقلن: أنحن رجال؟! فخرت على وجهها وهي تقول: علي أعرف بالله من ذلك أبى أبن أبي طالب إلا كرما وعلما وحلما والله لوددت أني لم أقاتله ولم أخرج مخرجي هذا الذي خرجته ولو أن لي من رسول الله (ص) عشرة من الولد الذكور مثل أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام وإنما خدعت وغررت وقيل لي: تخرجين فتصلحين بين الناس فكان ما كان والله المستعان.
ثم إنه عليه السلام عند فراغه من (حرب) الجمل كتب إلى معاوية يأمره بالمبايعة له والدخول فيما دخل فيه الناس وأن لا يشق عصى المسلمين و (أن لا) يسفك دماءهم.
وقد أتينا (على) ذلك من موضعه فلا فائدة في إعادته والله أعلم.