وهم صفوة الله من خلقه وأحب خلقه إليه وأكرمهم عليه.
فأولهم أبو البشر آدم عليه السلام، وما لقي وهو صفوة الله، خلقه بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماءه وأسكنه جواره وضاعف له الكرامة، ثم ابتلاه وامتحنه بعدوه إبليس وسلطه عليه، فما زال يوسوس له وينصب له حبائل مكره وخدعه، ويحسن له الاكل من الشجرة التي نهاه الله عنها ويقسم له ولزوجته جوابا لله إنه لهما من الناصحين ودلاهما بغروره ومكره، وما برح بهما حتى أكلا من الشجرة، وأخرجهما من الجنة، فأهبط الله آدم من الجنة إلى الأرض، فهبط ب " سرانديب " وهبطت حواء (زوجته) على بعض الأقوال ب " جدة " فأقام كئيبا باكيا وحيدا مفارقا لجوار مولاه، مستوحشا ل (فراق) زوجته حواء لا أنيس له، ولا يفيق عن البكاء ساعة واحدة، حتى جرت دموعه كالجداول!!!
ويقال: إنه بكى مائة عام لا يفتر عن البكاء ساعة في ليل أو نهار، ثم جمع الله بينه وبين زوجته حواء، ثم امتحن بقتل ولده إلى غير ذلك، مما كابده من المشاق إلى أن نقله الله إلى جواره وأعاده إلى دار كرامته بعد أن تاب عليه بمنة وكرمه.
ثم نوح عليه السلام أرسله (الله تعالى) إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله ليلا ونهارا وسرا وجهرا، فكذبوه بما جاء به وردوه عليه، ولم يؤمنوا بالله ولا (إلى) ما دعاهم إليه / 147 / أ / من توحيده وعبادته، وبالغوا في سبه ولبه وحبسه وضربه (1) حتى أن الرجل من قومه يأخذ بيد ولده الصغير ويقف به عليه، ويقول: يا بني أياك إذا أنا مت أن تصدق هذا فيما يدعوك إليه، واصنع به كما أصنع. ثم يثب عليه ويضربه حتى تسيل دماءه!! فيخر (نوح) مغشيا عليه.
ولم يزل كذلك إلى أن أوحى إليه: * (إنه لم يؤمن من قومك إلا من قد آمن) * (36 / هود:).
فلما آيس منهم قال: * (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) * (26 / نوح: 71) فاستجاب الله دعاءه وأغرق قومه بالطوفان كما ورد في القرآن.