قال أبو عبد الله: فخرجت ودخلت (المسجد) من باب الفيل، ودخل أمير المؤمنين من بابه، فلما توسط المسجد سمعت صياحا وجلبة وسمعت أم كلثوم (تقول:
) ردوا إلي قاتل أبي؟ (فتقدمت) فإذا أمير المؤمنين مستند إلى حائط المسجد وقد خضبت لحيته الدم؟ فحمل وأدخل داره وصلى الحسن بالناس فزاحمت حتى صرت عند رأس أمير المؤمنين، فدعا الحسن ابنه فقال: يا حسن. قال: لبيك يا أمير المؤمنين.
قال: خذ أسيرك فألن وطاءه وأطب طعامه فإن أمت فضربة بضربة وإن أعش أخذت حقي بيدي.
فقال ابن ملجم عليه اللعنة: ما زلت يا أمير المؤمنين عدلا في الغضب والرضا (ولكن) إنك ميت. قال: يا فاسق وما علمك بذلك؟ قال: يا أمير المؤمنين كيف لا أعلم وإني أسم السيف منذ شهر!!!
فالتفت (أمير المؤمنين إلى ابنه الحسن) وقال: يا حسن. قال: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: إني ميت بعد ثلاث، فإذا مت فكفني بثياب بياض وحنطني بفضلة الحنوط الذي نزل به جبرئيل إلى جدك من الجنة، وضعوني على سريري واحملوا مؤخر السرير فسيروا حيث سار بكم السرير، فإذا وقف قفوا، ثم احفروا فإنكم ستجدون ساجة اتخذها لي جدك (نوح) عليه أفضل الصلاة والسلام فضعوني فيها، وضعوا علي من اللبن سبعا، فإن انكشف بعض اللبن فلم تروني فلا يهولنكم ذلك / 97 / أ / فإن الله لو قبض نبيه بالمغرب ووصيه بالمشرق لجمع بينهما.
قال أبو عبد الله (الجدلي): فأتيت اليوم الثاني والثالث؟ وقد توفي عليه السلام وغسل وكفن ووضع على سريره رضي الله عنه، فلما حمل المؤخر وإن المقدم ليسير بنا؟
فلما وقف السرير وقفنا وحفرنا فوجدنا ساجة منقورة على مثال أمير المؤمنين فوضعناه فيها ، ووضعناه عليه من اللبن سبعا فذهب الحسن ليكشف اللبن فلم ير شيئا، والله أعلم