وأما مناقبه: فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة: مناقب أبي جعفر محمد الجواد [ف] - ما اتسعت جلباب مجالها ولا امتدت أوقات آجالها بل قضت عليه الأقدار الإلهية بقلة بقائه في الدنيا بحكمها وأسجالها، فقل في الدنيا مقامه، وعجل القدوم إليه لزيارته حمامه (1)، فلم تطل فيها مدته (2) ولا امتدت فيها أيامه، غير أن الله خصه بمنقبة أنوارها متألقة في مطالع التعظيم وأخبارها مرتفعة في معارج (3) التفضيل والتكريم، وهي أن أبا جعفر محمد الجواد لما توفي والده أبو الحسن الرضا (عليه السلام) وقدم الخليفة المأمون إلى بغداد بعد وفاته بسنة اتفق أن المأمون خرج يوما يتصيد فاجتاز بطرف البلد وثم صبيان يلعبون ومحمد الجواد واقف عندهم، فلما أقبل المأمون فر الصبيان ووقف محمد الجواد وعمره إذ ذاك تسع سنين، فلما قرب منه الخليفة نظر إليه وكان الله تعالى ألقى في قلبه مسحة قبول، فقال له: يا غلام ما منعك أن لا تفر كما فر أصحابك؟ فقال له محمد الجواد مسرعا: يا أمير المؤمنين فر أصحابي خوفا والظن بك حسن أنه لا يفر منك من لا ذنب له، ولم يكن بالطريق ضيق فأتنحى (4) عن أمير المؤمنين، فأعجب المأمون كلامه وحسن صورته فقال: ما اسمك يا غلام؟ فقال: محمد بن علي الرضا، فترحم الخليفة على أبيه.
(١٠٤٠)