قال بعض الأئمة من أهل العلم: مناقب علي بن موسى الرضا من أجل المناقب، وإمداد فضائله وفواضله متوالية كتوالي الكتائب، وموالاته محمودة البوادي والعواقب (1)، وعجائب أوصافه من غرائب العجائب، وسؤدده ونبله قد حل من الشرف في الذروة والمغارب، فلمواليه (2) السعد الطالع ولمناويه النحس الغارب. أما شرف آبائه فأشهر من الصباح المنير وأضوأ من عارض الشمس المستدير. وأما أخلاقه وسماته وسيرته وصفاته ودلائله وعلاماته ونفسه الشريفة فناهيك من فخار وحسبك من علو مقدار جاز على طريقة ورثها عن الآباء وورثها عنه البنون، فهم جميعا في كرم الأرومة وطيب الجرثومة كأسنان المشط متعادلون فشرفا لهذا البيت المعالي الرتبة السامي المحلة، لقد طال السماء علاء ونبلا، وسما على الفراقد منزلة ومحلا، واستوفى صفات الكمال، فما يستثنى في شيء منه لغيره وإلا انتظم هؤلاء الأئمة انتظام اللآلي، وتناسبوا في الشرف فاستوى المقدم والتالي، ونالوا رتبة مجد يحيط عنها المقصر والعالي، اجتهد عداتهم في خفض منازلهم والله يرفعه، وركبوا الصعب والذلول في تشتيت شملهم والله يجمعه، وكم ضيعوا من حقوقهم ما لا يهمله الله ولا يضيعه (3).
كانت وفاة علي بن موسى الرضا (عليه السلام) بطوس من خراسان في قرية يقال لها سناباد (4) في آخر صفر سنة ثلاث ومائتين (5)، وله من العمر يومئذ خمس وخمسون