قال هرثمة بن أعين (1) - وكان من خدام الخليفة عبد الله المأمون إلا أنه كان محبا لأهل البيت إلى الغاية ويعد نفسه من شيعتهم وكان قائما بخدمة الرضا وجميع مصالحه مؤثرا لذلك على جميع أصحابه مع تقدمه عند المأمون وقربه منه قال: - طلبني سيدي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) في يوم من الأيام فقال لي: يا هرثمة إني مطلعك على أمر يكون سرا عندك لا تظهره لأحد مدة حياتي، فإن أظهرته حال حياتي كنت خصيما لك عند الله. فحلفت له إني لا أتفوه بما تقوله لي مدة حياته.
فقال لي: اعلم يا هرثمة إنه قد دنا (2) رحيلي [إلى الله تعالى] ولحوقي بجدي وآبائي، وقد بلغ الكتاب أجله وإني أطعم عنبا ورمانا مفروكا (3) فأموت، ويقصد الخليفة أن يجعل قبري خلف قبر أبيه الرشيد وأن الله لا يقدره على ذلك، وان الأرض تشتد عليهم فلا تعمل فيها المعاول ولا يستطيعون حفر شيء منها فتكون تعلم. يا هرثمة إنما مدفني في الجهة الفلانية من الحد الفلاني، بموضع عينه له عنده، فإذا أنا مت وجهزت فأعلمه بجميع ما قلته لك ليكونوا على بصيرة من أمري، وقل له إن أوضعت في نعشي وأرادوا الصلاة علي فلا يصلى علي وليأني بي قليلا فإنه يأتيكم رجل عربي ملثم على ناقة له مصرع من جهة الصحراء عليه وعثاء (4) السفر فينيخ راحلته وينزل عنها فيصلي علي وصلوا معه علي، فإذا فرغتم من الصلاة علي وحملتموني إلى مدفني الذي عينته لك فاحفر شيئا يسيرا من وجه