الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ٢ - الصفحة ١٠١٣

لأمير المؤمنين، وللرضا من بعده ٦ علي بن موسى (عليهما السلام) على اسم الله وبركته، وحسن قضائه لدينه وعباده، بيعة مبسوطة إليها أيديكم، منشرحة لها صدوركم، عالمين بما أراد أمير المؤمنين بها، وآثر طاعة الله، والنظر لنفسه ولكم فيها، شاكرين لله على ما ألهم أمير المؤمنين من قضاء حقه في رعايتكم، وحرصه على رشدكم وصلاحكم، راجين عائدة ذلك في جمع ألفتكم، وحقن دمائكم، ولم شعثكم، وسد ثغوركم، وقوة دينكم، ووقم ٧ (ورغم - خ ل) عدوكم، واستقامة أموركم.
وسارعوا إلى طاعة الله وطاعة أمير المؤمنين، فإنه الأمن إن سارعتم إليه، وحمدتم الله عليه، وعرفتم الحظ فيه إن شاء الله.
وكتب بيده في يوم الاثنين لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين.
صورة ما كان على ظهر العهد بخط الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام):
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الفعال لما يشاء، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وصلى الله على نبيه محمد خاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين.
أقول وأنا علي بن موسى الرضا: إن أمير المؤمنين عضده الله بالسداد ووفقه للرشاد عرف من حقنا ما جهله غيره، فوصل أرحاما قطعت، وآمن نفوسا (أنفسا - خ ل) فزعت، بل أحياها وقد تلفت، وأغناها إذ افتقرت، مبتغيا رضا رب العالمين، لا يريد جزاء من غيره، وسيجزي الله الشاكرين، ولا يضيع أجر المحسنين.
وإنه جعل إلي عهده، والإمرة الكبرى إن بقيت بعده، فمن حل عقدة أمر الله بشدها، وقصم عروة أحب الله إيثاقها، فقد أباح حريمه، وأحل محرمه، إذ كان بذلك زاريا على الإمام، منتهكا حرمة الإسلام، بذلك جرى السالف، فصبر منه على الفلتات، ولم يعترض بعدها على العزمات، خوفا على شتات الدين، واضطراب حبل المسلمين، ولقرب أمر الجاهلية، ورصد فرصة تنتهز، وبائقة تبتدر.
وقد جعلت لله على نفسي - إن استرعاني أمر المسلمين وقلدني خلافته - العمل فيهم عامة، وفي بني العباس بن عبد المطلب خاصة، بطاعته وطاعة رسوله (صلى الله عليه وآله)، وأن لا أسفك دما حراما، ولا أبيح فرجا ولا مالا، إلا ما سفكته حدود الله وأباحته فرائضه، وأن أتخير الكفاة ٨ جهدي وطاقتي.
وجعلت بذلك على نفسي عهدا مؤكدا يسألني الله عنه، فإنه عزوجل يقول: (أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) ٩ وإن أحدثت أو غيرت أو بدلت كنت للغير ١٠ مستحقا وللنكال متعرضا، وأعوذ بالله من سخطه، وإليه أرغب في التوفيق لطاعته، والحول بيني وبين معصيته في عافية لي وللمسلمين.
والجامعة والجفر يدلان على ضد ذلك، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم، إن الحكم إلا لله يقضي بالحق وهو خير الفاصلين.
لكني امتثلت أمر أمير المؤمنين، وآثرت رضاه، والله يعصمني وإياه، وأشهدت الله على نفسي بذلك، وكفى بالله شهيدا ١١.
وكتبت بخطي بحضرة أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، والفضل بن سهل، وسهل بن الفضل، ويحيى بن أكثم، وعبد الله بن طاهر، وثمامة بن أشرس، وبشر بن المعتمر، وحماد بن النعمان، في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين ١٢.
الشهود على الجانب الأيمن:
شهد يحيى بن أكثم على مضمون هذا المكتوب ظهره وبطنه، وهو يسأل الله أن يعرف أمير المؤمنين وكافة المسلمين بركة هذا العهد والميثاق، وكتب بخطه في التاريخ المبين فيه. عبد الله بن طاهر بن الحسين: أثبت شهادته فيه بتاريخه. شهد حماد بن النعمان بمضمونه ظهره وبطنه، وكتب بيده في تاريخه. بشر بن المعتمر: يشهد بمثل ذلك.
الشهود على الجانب الأيسر:
رسم ١٣ أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قراءة هذه الصحيفة - التي هي صحيفة الميثاق، نرجو أن نجوز بها الصراط - ظهرها وبطنها بحرم سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين الروضة والمنبر على رؤوس الأشهاد، بمرأى ومسعمع من وجوه بني هاشم وسائر الأولياء والأحفاد، بعد استيفاء شروط البيعة عليهم، بما أوجب أمير المؤمنين الحجة به على جميع المسلمين، ولتبطل الشبهة التي كانت اعترضت آراء الجاهلين، وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه.
١ - ص: ٢٦.
٢ - الحجر: ٩٢ و ٩٣.
٣ - يقال: هو في خفض من العيش: أي في لين وسعة.
٤ - الدعة: السكينة والراحة والرفاه.
٥ - أخذنا أخبار كشف الغمة من نسخة قديمة مصححة كانت عليها إجازات العلماء الكرام، وكان مكتوبا عليها في هذا الموضع على الهامش أشياء نذكرها وهي هذه: وكتب بقلمه الشريف تحت قوله:
والخلافة من بعده " جعلت فداك ". وكتب تحت ذكر اسمه (عليه السلام) " وصلتك رحم وجزيت خيرا ". وكتب عند تسميته بالرضا " رضي الله عنك وأرضاك وأحسن في الدارين جزاك ".
وكتب بقلمه الشريف تحت الثناء عليه " أثنى الله عليك فأجمل، وأجزل لديك الثواب فأكمل ". ثم كان على الهامش بعد ذلك " العبد الفقير إلى الله تعالى الفضل بن يحيى - عفا الله عنه - قابلت المكتوب الذي كتبه الإمام علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين مقابلة بالذي كتبه الإمام المذكور (عليه السلام) حرفا فحرفا، وألحقت ما فات منه، وذكرت أنه من خطه (عليه السلام). وذلك في يوم الثلاثاء مستهل المحرم من سنة تسع وتسعين وستمائة الهلالية بواسط، والحمد لله على ذلك وله المنة، إنتهى ".
٦ - هنا زاد في المصدر داخل معقوفتين " كتب بقلمه الشريف بعد قوله: " وللرضا من بعده ": بل آل من بعده " وذكر أنها في بعض النسخ دون غيرها.
٧ - وقم وأوقم الرجل: قهره ورده عن حاجته أقبح الرد.
٨ - أي: أختار لكفاية أمور الخلق وإمارتهم من يصلح لذلك.
٩ - الإسراء: ٣٤.
١٠ - بكسر الغين وفتح الياء اسم للتغيير.
١١ - تقدم " صوره ما كان على ظهر العهد بخطه (عليه السلام) " على شكل خطاب للناس.
١٢ - أورد " صورة ما كان على ظهر العهد بخطه (عليه السلام) " ابن شهرآشوب في المناقب: ٣ / 473 مرسلا.
13 - رسم: أي كتب وأمر أن تقرأ هذه الصحيفة في حرم الرسول (صلى الله عليه وآله).
(١٠١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1009 1010 1011 1012 1013 1013 1018 1019 1020 1021 1022 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الفصل الثاني: في ذكر الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) 685
2 فصل: في نسبه، وكنيته، ولقبه، وصفاته الحسنة 692
3 فصل: فيما ورد في حقه (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله) 697
4 فصل: في علمه (عليه السلام) 702
5 فصل: في عبادته وزهادته (عليه السلام) 705
6 فصل: في جوده وكرمه (عليه السلام) 707
7 فصل: في شيء من كلامه (عليه السلام) 710
8 فصل: في ذكر طرف من أخباره (عليه السلام) ومدة خلافته 713
9 فصل: في ذكر وفاته ومدة عمره وإمامته (عليه السلام) 734
10 فصل: في ذكر أولاده (عليه السلام) 742
11 الفصل الثالث: في ذكر الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) 753
12 فصل: في ذكر نسبه وكنيته ولقبه (عليه السلام) 755
13 فصل: فيما ورد في حقه (عليه السلام) من جهة النبي (صلى الله عليه وآله) 756
14 فصل: في علمه وشجاعته وشرف نفسه وسيادته (عليه السلام) 763
15 فصل: في ذكر كرمه وجوده (عليه السلام) 767
16 فصل: في ذكر شيء من محاسن كلامه وبديع نظامه (عليه السلام) 770
17 فصل: في ذكر مخرجه (عليه السلام) إلى العراق 776
18 فصل: في ذكر مصرعه ومدة عمره وإمامته (عليه السلام) 809
19 ذكر من قتل من أصحاب الحسين (عليه السلام) ومن أهل بيته ومواليه 842
20 فصل: في ذكر أولاده الكرام عليه وعليهم أفضل السلام 851
21 الفصل الرابع: في ذكر علي بن الحسين (عليهما السلام) 853
22 الفصل الخامس: في ذكر أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام) 877
23 الفصل السادس: في ذكر أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) 907
24 الفصل السابع: في ذكر أبي الحسن موسى الكاظم (عليه السلام) 931
25 الفصل الثامن: في ذكر أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) 965
26 ذكر ولاية العهد من المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) 1005
27 الفصل التاسع: في ذكر أبي جعفر محمد الجواد بن علي الرضا (عليهما السلام) 1033
28 الفصل العاشر: في ذكر أبي الحسن علي المعروف بالعسكري (عليه السلام) 1061
29 الفصل الحادي عشر: في ذكر أبي محمد الحسن الخالص بن علي العسكري (عليه السلام) 1077
30 الفصل الثاني عشر: في ذكر أبي القاسم محمد 1095
31 علامات قيام القائم ومدة أيام ظهوره (عليه السلام) 1123
32 الفهارس 1137
33 فهرس الآيات 1139
34 فهرس الأحاديث الشريفة 1157
35 فهرس الأسماء و الكنى و الألقاب 1205
36 فهرس المذاهب والفرق 1323
37 فهرس الجماعات والقبائل والأقوام 1327
38 فهرس الأماكن والبلدان 1335
39 فهرس الحوادث والغزوات والحروب والوقائع 1349
40 فهرس الأشعار 1353
41 فهرس المنابع والمآخذ 1369