وأمر المأمون القواد والجند وأعيان دولته بالركوب في خدمته إلى المصلى فركب الناس إلى بيته وحضر القواد والمؤذنون والمكبرون إلى بابه ينتظرون أن يخرج.
فخرج إليهم الرضا وقد اغتسل ولبس أفخر ثيابه وتعمم بعمامة [بيضاء من] قطن وألقى طرفا منها على عاتقه (1) ومس طيبا وأخذ عكازة (2) في يده وخرج ماشيا ولم يركب، وقال لمواليه وأتباعه: افعلو كما فعلت، ففعلوا كفعله، وساروا بين يديه عند شروق الشمس رافعين أصواتهم بالتكبير والتهليل، فلما رأوه القواد والجند على تلك الحالة لم يسعهم إلا أن نزلوا عن خيولهم ومراكبهم وساروا بين يديه وتركوا دوابهم مع غلمانهم خلف الناس، وكان كلما كبر الرضا كبر الناس تكبيرة، وكلما هلل هللوا تهليلة وهم سائرون بين يديه حتى خيل للناس أن الحيطان والجدران تجاوبهم بالتكبير والتهليل، وتزلزلت مرو وارتفع البكاء والضجيج، فبلغ ذلك المأمون فقال له الفضل: إن بلغ الرضا المصلى افتتن الناس به وخفنا على دمائنا وأرواحنا وعليك في نفسك فابعث إليه فرده، فبعث إليه المأمون قائلا: قد كلفناك يا أبا الحسن شططا ولا نحب أن تلحقك مشقة، ارجع إلى بيتك يصلي بالناس من كان يصلي بهم قبل.
فرجع علي بن موسى الرضا (عليه السلام) إلى بيته وركب المأمون فصلى بالناس (3)