ويحركها ويشرب، فأقبلت إليه (1) وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت: أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك، فقال: يا شقيق لم تزل نعم الله علينا (2) ظاهرة وباطنة فأحسن ظنك بربك، ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سويق وسكر، فوالله ما شربت قط ألذ منه ولا أطيب ريحا فشبعت ورويت وأقمت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا.
ثم لم أره حتى حططنا (3) بمكة فرأيته ليلة إلى جنب قبة الشراب في نصف الليل وهو قائم يصلي بخشوع وأنين وبكاء، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل، فلما رأى الفجر (4) جلس في مصلاه يسبح الله تعالى، ثم قال إلى حاشيته الطواف فركع الفجر (5) هناك ثم صلى فيه الصبح مع الناس، ثم دخل الطواف فطاف إلى بعد شروق الشمس، ثم صلى خلف المقام، ثم خرج يريد الذهاب فخرجت خلفه أريد السلام عليه وإذا بجماعة قد طافوا به يمينا وشمالا ومن خلفه ومن قدامه، وإذا له حاشية وغاشية (6) وموال وخدم وحشم وأتباع قد خرجوا معه، فقلت لهم: من هذا الفتى؟
فقالوا: هو موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقلت: لا يكون هذا إلا لمثل هذا، ثم إني انصرفت.
وهذه الحكاية رواها جماعة من أهل التأليف والمحدثين، رواها ابن الجوزي في كتابه مسير العزم (7) الساكن إلى أشرف الأماكن، ورواها الحافظ عبد العزيز