أراك مغموما (1)؟ فقلت: وكيف لا، ورأيتك سائرا وأنت تصير إلى هذا (2) الطاغية ولا آمنه (3) عليك منه؟! فقال: يا أبا خالد ليس علي منه بأس، فإذا كانت سنة كذا في شهر كذا في يوم الفلاني فانتظرني آخر النهار مع دخول أول الليل فإني أوافيك إن شاء الله تعالى.
قال أبو خالد: فما كان لي هم إلا إحصاء تلك الشهور والأيام إلى ذلك اليوم الذي وعدني المأتي فيه، فخرجت وانتظرته إلى أن غربت الشمس فلم أر أحدا فداخلني (4) الشك في أمره، فلما كان دخول الليل فبينما أنا كذلك فإذا بسواد قد أقبل من ناحية العراق [فقصدته] فإذا هو على بغلة أمام القطار فسلمت عليه وسررت بمقدمه وتخلصه، فقال لي: داخلك الشك يا أبا خالد؟ فقلت: الحمد لله الذي خلصك من هذا (5) الطاغية، فقال: يا أبا خالد إن لي (6) إليهم عودة لا أتخلص منها (7).
وروي عن عيس المدائني قال: خرجت سنة إلى مكة فأقمت [بها] مجاورا ثم قلت: أذهب إلى المدينة فأقيم بها (8) سنة مثل ما أقمت بمكة فهو أعظم لثوابي (9)،