والمناهج العلية، يحيى بن معاذ الرازي، فقال له: أخبرنا عن الله؟ فقال: إله واحد.
فقال له كيف هو؟ قال: إله قادر. قال: فأين هو؟ قال: بالمرصاد.
فقال السائل: لم أسألك عن هذا. فقال: ما كان غير هذا فهو صفة المخلوق، فأما صفته فالذي أخبرتك عنه.
فالسائل سأل عن الذات والكيفية، فأجابه هذا الحبر بالصفات الجلالية القدسية.
وهذا أخذه من قصة سيدنا موسى عليه السلام مع فرعون اللعين لما قال له موسى عليه السلام:
(إني رسول رب العالمين) فسأله فرعون ﴿وما رب العالمين﴾ (١) فقال موسى ﴿رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين﴾ (2) فضمن الجواب العدول عما سأل، لأنه عدل فيه عن مطابقة السؤال، لأن فرعون سأل عن ماهيته سبحانه وتعالى، وموسى أجابه عن قدرته وصفاته، فجاز له - حين خلط في السؤال وأخطأ، وسأل عما لا يمكن إدراكه - العدول عن سؤاله.
فقال فرعون: {ألا تستمعون} (3) أنا أسأله عن شئ، فيجيب عن غيره.
فقال موسى عليه السلام {ربكم ورب آبائكم الأولين} (4).
فلما قال موسى عليه السلام ذلك استشعر فرعون أنه أخطأ في السؤال، فخشي أن يدرك ذلك جلساؤه، فقال: {إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} رماه بذلك حتى يتخلص ويصير موسى عليه السلام في مقام لا يلتفت إلى قوله، ولا يؤخذ به.