وقال بعضهم: {ثم استوى على العرش} قعد عليه.
وقال ابن الزاغوني: خرج عن الاستواء بأربع أصابع (1).
ولهم ولأتباعهم مثل ذلك خبائث كلها صريحة في التشبيه والتجسيم، لا سيما في مسألة الاستواء.
وهو - سبحانه وتعالى - متنزه عما لا يليق به من صفات الحدث.
ثم إن هؤلاء الجمادات وأعالي الجهلة، يلزمهم أن يقولوا في الحديث الذي رواه مسلم وغيره ما لم يمكن القول به من أجهل الناس: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها...) إلى آخره.
وبالضرورة لا يكون سبحانه جارحة لعبده، ومع هذا يلزم التعدد بحسب المتقربين والتجزئة والتفرقة، وغير ذلك مما لا يقوله حمار، بل ولا جماد، تعالى الله وتقدس عن ذلك.
قال ابن الجوزي: وهؤلاء وأتباعهم جهلوا معرفة ما يجوز على الله وما يستحيل عليه.
ومن أعجب ما رأيت لهم، ما ذكروا عن ابن أبي شيبة أنه قال في كتاب العرش: إن الله قد أخبرنا: أنه صار من الأرض إلى السماء، ومن السماء إلى العرش، فاستوى على العرش.
ثم قال: ونبرأ من أقوام شانوا مذهبنا، فعابنا الناس بكلامهم.
ولو فهموا أن الله - سبحانه وتعالى - لا يوصف بما يوصف به الخلق، لما بنوا أمورهم وقواعدهم على المحسوسات التي بها المساواة بينه وبين خلقه، وفي ذلك