به أحد إلي إلا قبلت شفاعته، فإني خفت على نفسي الهلكة.
وعن منصور بن عبد الله قال: سمعت ابن الجلاء يقول: دخلت مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وبي شئ من الفاقة، فتقدمت إلى القبر، فسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى الليلة، ثم تنحيت ونمت بين القبر والمنبر، وإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم قد جاءني، ودفع إلي رغيف خبز، فأكلت نصفه، فانتهبت فإذا في يدي نصف الرغيف.
ومن تتمة القصة: أن قال ابن الجلاء: إنه دام بعد ذلك أربعين سنة، لم يحتج فيها إلى طعام الدنيا ولا إلى شرابها ببركة تلك الأكلة.
قال العلماء: الظاهر أن ما أتاه به النبي صلى الله عليه وسلم من طعام الجنة، لأن من أكل من طعام الجنة استغنى عن طعام الدنيا. قالوا: وهذه رؤيا حق، لما جاء في الحديث:
(من رآني في المنام فقد رآني حقا، فإن الشيطان لا يتمثل بي).
ومثل هذا وقع للسيد الجليل أبي الخير الأقطع، صاحب المقامات الباهرة والكرامات الظاهرة، قال: دخلت مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بفاقة، فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقا، فتقدمت إلى القبر، وسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وقلت: أنا ضيفك يا رسول الله، وتنحيت ونمت خلف القبر، فرأيت في المنام النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر عن يمينه وعمر عن شماله، وعلي بين يديه، فحركني، وقال: قم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقمت إليه وقبلت بين عينيه، فدفع إلي رغيفا فأكلت نصفه، وانتبهت وإذا في يدي نصف رغيف.
قال العلماء: وإنما يبقى نصف الرغيف ليتحقق الأمر، وتظهر الكرامة لأولياء الله - عز وجل - الذين سلكوا سبيله بصدق صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم.
وقال ابن أبي ذرعة الصوفي: سافرت مع أبي ومع ابن حنيف إلى مكة، وأصابتنا فاقة شديدة، فدخلنا مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبتنا طاوين، وكنت دون