فتدريان أين أنتما؟ قالا: نعم، نحن في ملكه، وبين يديه. قال: فأقبلت على نفسي أقول لها: راهبان يتحققان بالتوكل دونك. ثم قلت لهما: أتأذنان لي في الصحبة؟
فقالا: ذاك إليك.
قال: فسرنا، فلما أمسينا قاما إلى صلاتهما، وقمت إلى صلاة المغرب، فتيممت وصليت، فنظرا إلي وقد تيممت فضحكا مني، فلما فرغا من صلاتهما، بحث أحدهما بيده فإذا بالماء قد ظهر، وإذا بطعام موضوع.
قال: فبقيت أتعجب من ذلك، فقالا لي: أدن وكل واشرب.
قال: فأكلنا وتوضأت، وقاما فلم يزالا في صلاتهما وأنا في صلاتي حتى أصبحنا، فصليت الفجر، ثم قاما يسيران، فسرنا (1) إلى الليل، فلما أمسينا تقدم الآخر، فصلى بصاحبه، ثم دعا بدعوات ثم بحث الأرض بيده، فنبع الماء وظهر الطعام، فقالا لي: ادن وكل واشرب.
قال: فأكلنا وشربنا وتوضأت للصلاة، ثم نضب الماء وغار حتى لم يبق له أثر، فلما كانت الليلة الثالثة، قالا لي: يا مسلم الليلة نوبتك. قال: فاستحييت من قولهما، ودخلني من ذلك هم شديد.
قال: فقلت في نفسي: اللهم إني أعلم أن ذنوبي لم تدع لي عندك جاها، ولكني أسألك وأتوسل إليك بنبيك المكرم عندك: ألا تفضحني عندهما، ولا تشمت (2) بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: فإذا بعين خرارة وطعام كثير، قال: فأكلنا وشربنا، ولم نزل على حالنا حتى بلغت النوبة الثانية إلي، قال: فدعوت بمثل ما دعوت أولا وتوسلت بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإذا بطعام اثنين وشراب اثنين دون ما كان. قال: فتقاصرت إلى