البالغ فكنت أجئ إلى أبي غير دفعة، وأقول: أنا جائع، فأتى والدي إلى الحضرة الشريفة، وقال: يا رسول الله أنا ضيفك الليلة، وجلس على المراقبة، فلما كان بعد ساعة رفع رأسه وكان يبكي ساعة ويضحك ساعة، فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع في يدي دراهم، وفتح يده فإذا فيها دراهم، وبارك الله تعالى لنا فيها إلى أن رجعنا (إلى) شيراز، فكنا ننفق منها.
وقال السيد الجليل أبو العباس أحمد الصوفي: تهت في البادية ثلاثة أشهر، وانسلخ جلدي، فدخلت المدينة الشريفة، وجئت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فسلمت عليه وعلى صاحبيه، ثم نمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم، فقال لي: يا أحمد جئت.
قلت: نعم، وأنا جائع، وأنا في ضيافتك. فقال لي: افتح كفيك (1)، ففتحهما فملأهما دراهم، فانتبهت وهما مملوءتان، فقمت فاشتريت لي خبزا حواري وفالوذجا وأكلت، وقمت للوقت ودخلت البادية.
ومثل هذا كثير، وهؤلاء رجال صدق يقطعون البوادي على قدم التوكل، لا يعتمدون على غيره، ولا يأنسون بسواه، وتقع لهم ألطاف وأمور عجيبة.
وقد ذكرت جملة من ذلك في كتاب (تنبيه السالك) في فصل الكرامات، فمن أراد أن يقف على الغرائب والعجائب، فلينظر فيه وفيما وهب لهم من الكرامات على مقدار طبقاتهم.
وخرج بعض المشايخ يريد الزيارة في جماعة من الفقراء، قال: فلما وصلنا إلى شعب النعام أدركنا العطش، وبيننا وبين المدينة مراحل، قال: فاستغثت بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصليت ونمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: مرحبا بك وبجماعتك، وضمني إلى صدره وقبلني، فقبلت يده الكريمة وقدمه، وقلت له: يا سيدي يا