فالملك هو المستغني عن كل شئ، ويفتقر إليه كل شئ، ونافذ حكمه في مملكته طوعا أو كرها.
وقيل: هو القادر على الإبداع والإنشاء والإعدام، وهذا على الحقيقة لا يكون إلا لله - عز وجل - أبدع المكونات العلويات والسفليات الجليات والخفيات، أبدعها بقدرته ورتبها على اختلاف أطوارها بحكمته، فكل ما برز فهو مقهور الوجود ب (كن)، وكل ما انعدم فهو مقهور العدم ب (كن).
وبهذا يعلم أن إطلاق الملك على ما سواه أمر مجازي، إذ المملوك لا يكون مالكا، لأن من هو تحت قهر الأغيار فهو كالعدم.
ولهذا لما تحقق أرباب القلوب أن الملك لله - عز وجل - تحققا قلبيا، سكنت أنفسهم عن وصف الإضافات، وتبرؤوا من الحول والقوة حتى بالإشارات، فلا يقول: مني، ولا لي، حتى قيل لبعضهم: ألك رب؟ فقال أنا عبد، وليس لي نملة، ومن أنا حتى أقول: لي.
فهذا وأمثاله صفى نفسه عن رعونة البشرية وهواها، وفك ربقة رق خيالاتها الباطلة ومناها، ومحض رق العبودية لمولاها.
فترى الملوك الجبابرة مع جبروتهم يخضعون ويتذللون له. ولهذا تتمات ليس هذا المقام مقامها، إذ الغرض التنزيه.
والقدوس من أسمائه - عز وجل - سمى نفسه بذلك ليرشدك إلى تقديسه، كما أشار إلى ذلك بقوله تعالى: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون}.
وفيه الحث على دوام التقديس.
فالقدوس قيل: هو المنزه عما لا يليق به من الأضداد والأنداد.
وقيل: هو المنزه والمطهر من النقائص والعيوب.
وهاتان غير مرضيين عند المحققين.