هذا من جهل الجاهلين بالآيات التي قلبوا بها حقائق الأمور، فجعلوا الآيات صفات، ومعنى الآيات العلامات.
وهو كلام إمام محقق، وقد زل خلق كثير بمثل ذلك.
فسبحان الأحدي الذات، العلي الصفات، المنزه عن الآلات، المقدس عن الكيفيات، المنزه عن مشابهة المخلوقات، تعالى عما يقوله من الإلحاقات.
كيف يقاس القادر بالمقدورات والصانع بالمصنوعات؟! وهي من آياته البينات الظاهرات.
رفع السماوات، وبسط الأرض وثبتها بالأوتاد الراسيات، وأتحفها بالمزن الماطرات، فزهت بأنواع النباتات المختلفات، كذلك يحيي الموتى. {إعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات}.
قال أرباب البصائر وذوو التحقيقات: ليس كذاته ذات، ولا كاسمه اسم من جهة المعنى، ولا لصفته صفة من جميع الوجوه إلا من جهة موافقة اللفظ.
وكما لم يجز أن يظهر من مخلوق صفة قديمة، كذلك يستحيل أن يظهر من الذات الذي ليس كمثله شئ صفة حديثة.
وأن التكرار من حدوث الصفة، جل ربنا أن يحدث له صفة أو أسم، إذ لم يزل بجميع صفاته واحدا، ولا يزال كذلك.
وكل أمور التوحيد والتفريد خرجت (1) من هذه الكلمة {ليس كمثله شئ}.
لأنه ما عبر عن الحقيقة بشئ إلا والعلة مصحوبة والعبارة منقوضة، لأن الحق لا ينبعث (2) أقداره إلا على إقراره، لأن كل ناعت مشرف على المنعوت،