فهو الكائن قبل الزمان والمكان المحدثين، وهو الأول قبل سوابق العدم، الأبدي بعد لواحق القدم، ليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات، جلت الذات القديمة الواجبة الوجود - التي لم تسبق بعدم (1) أن تكون كالصفة الحديثة.
قال تعالى: {أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا}.
فهو - سبحانه وتعالى - احتجب عن العقول والأفهام كما احتجب عن الإدراك والأبصار، فعجز الخلق عن الدرك، والدرك عن الاستنباط، وانتهى المخلوق إلى مثله، وأسنده الطلب إلى شكله.
قال الصديق رضي الله عنه: (العجز عن درك الإدراك إدراك).
وقال رضي الله عنه: (سبحان من لم يجعل للخلق سبيلا إلى معرفته إلا بالعجز عن معرفته).
فهو سبحانه عليم قدير سميع بصير، لا يوصف علمه وقدرته وسمعه وبصره بما يوصف به المخلوق ولا حقيقته.
كذلك علوه واستواؤه، إذ الصفة تتبع الموصوف.
فإذا كانت حقيقة الموصوف ليست من جنس حقائق سائر الموصوفات، فكذلك حقيقة صفاته.
فأجهل الناس وأحمقهم وأجحدهم للحق، من يشبه من ليس كمثله شئ بالمخلوق المصنوع في شئ من صفاته وأفعاله وذاته {تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا}.
لأنه - سبحانه وتعالى - وصفاته مصون عن الظنون الكاذبة والأوهام السخيفة.
وقيل في قوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} أي ما وصفوه حق وصفه.